عن القرار 1325 والمرأة الفلسطينية تحت الاحتلال
إعداد الكاتبة الفلسطينية ريما نزال عضو المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية.
ورقة مقدمة إلى مؤتمر المحكمة العالمية لفلسطين، جنيف – 6-8 حزيران 2024.
مقدمة حول القرار 1325:
صدر القرار 1325 في أكتوبر عام 200 على اثر ما وقع في أوروبا الشرقية وفي إفريقيا لجهة الفظاعات التي ارتكبت ضد النساء أثناء الصراع الضاري الذي انفجر فيها على خلفية الصراع الديني والطائفي أو العرقي والإثني، كشكل من أشكال الانتقام بين الجهات المتحاربة.
وقد دعا القرار إلى حماية النساء ووقايتهن ومشاركتهن في صنع قرار الامن والسلام، ودعا إلى عدم ترك من يقترف جرائم حرب وانتهاكات ضد النساء من العقاب داعياً إلى تشكيل ائتلافات وشبكات للدفع بقضايا السلام والمرأة.
وللتاريخ، لم نكن واهمات حول ممكنات القرار 1325 حين قرر المجتمع النسوي المدني تبنيه1325، لجهة قدرته على صناعة الفرق الجوهري في عملية التغيير إزاء تطبيق قرارات مجلس الأمن التي تشكو من الاحتباس وعدم التطبيق في الحالة الفلسطينية، فالمرأة الفلسطينية اختبرت مع شعبها القرارات أكثر من سبعين عاماً، خاصة أن القرار 1325 يعتبر من القرارات الضعيفة لجهة التطبيق، باستناده إلى البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة. عدا عن ذلك من القضايا التي تدفع إلى عدم التعاطي معه، من مثل إحالة الأمم أمر غاية في الصعوبة كصنع السلام إلى النساء، بينما تشكو المرأة حول العالم من التهميش والإقصاء.
لكننا بعد الاطلاع على بنوده من الناحية العملانية وضمن الحالة الفلسطينية، وجدنا بالقرار ما يشجع على التعامل معه ومنها توفيره الفرص التالية:
1 فرصة لمساءلة الاحتلال وفق البند 11 من القرار الذي يدعو إلى عدم إفلات مرتكبي الجرائم ومنتهكي القوانين الدولية من العقاب.
2 فرصة من أجل المشاركة في صنع الأمن والسلام وفي هذه الجزئية تم التوقف أمام المشاركة في المصالحة الداخلية عبر المشاركة في الحوار الوطني وطرح الرؤية النسوية للمصالحة.
3 فرصة تتيح الوقوف مع نساء في العالم من على منصة دولية مشتركة تجعل القضية الفلسطينية أكثر قرباً من فهمن وتعاطيهن مع مقاربة خاصة تمكن من تظهير واقع المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال
4 فرصة من أجل تشكيل ائتلافات وشبكات مختلفة إقليمية وعربية تدفع القضية وخوض عمليات مناصرة بقوة وزخم قوة النساء..
5 ان القرار الذي يجمع بين الاعتبارات الوطنية والديمقراطية يشبه برنامج المرأة الفلسطينية المزدوج، ارتباط قضايا التحرر الوطني بالاجتماعي.
نقاط قوة وضعف القرار المرصودة من الوجهة الفلسطينية..
مواطن قوة القرار
– أن القرار هو الأول الذي استهدف حالة المرأة في دول الصراع المسلح وانعكاس الصراع على المرأة بشكل مختلف عن باقي القطاعات وخاصة في بيئة تقليدية ونمطية، الانتهاكات الجنسية والهجرة القسرية والطوعية وغير ذلك من آثار تستند للنوع الاجتماعي.
– القرار يستند في ديباجته إلى عدد من الاتفاقيات والقرارات الحقوقية الهامة كاتفاقية جنيف والقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان والى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة..
– ان القرار يتيح ويدعو إلى تشكيل ائتلافات وتحالفات للعمل بقوتها ودفع القضايا التي يتبناها القرار كالحماية والمساءلة..
– أن القرار يسهم في توسيع مساحة الاشتباك مع الاحتلال في البعد الدولي وفي تدويل القضية الفلسطينية واستخدام الأدوات والآليات الدولية في النضال ضد الاحتلال.
– كون القرار صادر عن مجلس الأمن يترتب عليه متابعة بتقديم التقرير السنوي من قبل الأمين العام وكذلك إتاحة التقرير الطوعي أمام الدولة الطرف التعرض لإعاقة تطبيق القرار والمسؤول عن الإعاقة
– انه القرار الأول من نوعه الذي لا يتحدث عن النساء كضحايا للصراعات والنزاعات فقط، بل يلحظ أهمية دورهن كعامل مهم في إحداث التغيير ومنع الصراعات، إضافة إلى دورهن المشارك في إعادة بناء المجتمعات على أسس المساواة والعدالة الاجتماعية وتحقيق الكرامة الانسانية.
مواطن ضعف القرار:
– انه لم يأتِ على ذكر النساء تحت الاحتلال في متن القرار، بينما أتى ذكر جميع الأنواع الاخرى المتسببة بالصراع كالديني والعرقي والطائفي والاثني والأهلي.
– أن القرار يخلو من الأجندة الزمنية التي يستغرقها التطبيق وكأنه قرار أبدي.
– أن القرار لم يتعاطى مع الزامية اعداد التقارير من أجل المتابعة ولم يذكر آليات للرقابة على التطبيق بل اقتصر على آلية تقديم التقارير الطوعية.
منطلقات الرؤية الفلسطينية للقرار
- تنطلق الرؤية الفلسطينية للقرار من حالة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال الاستعماري الكولونيالي الطويل الأمد ونظام الفصل العنصري والأثر الخاص على المرأة الفلسطينية انطلاقا من الأبعاد الجندرية في مجتمع تقليدي محافظ..
- خصوصية العنف الممارس ضد المرأة الفلسطينية بأنه عنف مُركَّب متعدد الطبقات؛ وثنائية العنف السياسي بسبب نظام السيطرة الاحتلالي على تفاصيل حياة المرأة، والعنف الذي تتسبب به الثقافة النمطية السائدة؛ بما هي عادات وتقاليد نمطية إقصائية قاهرة، تجعل وكأن عنف الاحتلال يتضافر أو يؤثر في زيادة العنف الاجتماعي.
- شرط وضع قضية المرأة الفلسطينية في سياق التحليل الاستعماري وفي إطار القوانين الدولية ذات الصلة وإذا ما تم نزعها من الاطار المذكور ومن البعد التحليلي هو ضياع للجهود ويخدم حرف الأنظار عن أسباب المعاناة الحقيقية.
- حتى يستقيم المعنى لا بد من ربط الرؤية الفلسطينية للقرار1325 مع القرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية 181 و 184 والقرار 2334 وقرارات أخرى ذات صلة بعدم قانونية ضم القدس وبناء المستوطنات وكذلك ربطه بالقوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
- استخدام القرار من أجل مساءلة الاحتلال وبالتالي يصبح العمل على توثيق الانتهاكات ضد المرأة الفلسطينية من لوازم العمل بالقرار لتقديمها للمحاكم المختصة.
- -إن القرار 1325 والقرارات اللاحقة له جزء من المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وأن المشكلة تتمثل في ازدواجية المعايير والفيتو الأمريكي في كل ما يتعلق بفلسطين.
- أن ركيزة الحماية من أهم ما ورد بالقرار في الوقت الذي تشكل مطلبا جمعيا لدى المرأة الفلسطينية وشعبها بسبب عدم التكافؤ في موازين القوة لصالح الاحتلال.
- أن الاحتلال الإسرائيلي قد أفرز الحالات التي ينبغي تظهيرها بالخطط الاستراتيجية للعمل بموجب القرار وفي توثيق الانتهاكات وتضمينها في التقارير وهي: النساء الأسيرات والمقدسيات والنساء القاطنات قرب الجدار والمستوطنات، والمرأة في قطاع غزة والنساء اللاجئات داخل الوطن وخارجه.
ثالثا: التجربة الفلسطينية في تطبيق القرار
- بعد تشكيل الائتلاف الأهلي النسوي لتطبيق القرار 1325 في عام 2011 برئاسة الاتحاد العام للمرأة وعضوية المؤسسات النسوية ذات العلاقة في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة وذلك من اجل متابعة العمل والخطة بشكل منظم، – قبل ذلك عملت البنى النسوية بموجب القرار بشكل مجتزأ وانتقائي ودون رؤية نسوية شاملة- التي ركزت على ما يلي.
أولا: التركيز على عمليات المناصرة الدولية: من أجل توسيع دوائر الاشتباك مع الاحتلال في المحافل الدولية في إطار تدويل القضية الفلسطينية وخاصة في (اجتماع لجنة المرأة السنوي في الأمم المتحدة، الاجتماع السنوي لتقييم القرار وأجندة الأمن والسلام WPS، قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاوكوسوك السنوية الذي يصدر عنه فقرة خاصة بالمرأة الفلسطينية، كما يتم التركيز على اجتماعات مجلس حقوق الإنسان الدورية حيث يتم تقديم إحاطة عن حالة المرأة الفلسطينية.
- استخدام القرار في تقديم رؤية نسوية للمصالحة الداخلية: حين ملاحظة الائتلاف الاستعصاء الذي شهدته المصالحة وكذلك التجاوز على مشاركة النساء انطلاقا من فكر ذكوري إقصائي واعتبار أن المصالحة ومواضيعها سياسية وعزلها عن الخلاف الاجتماعي والفكري تم المبادرة بداية إلى المطالبة بمشاركة المرأة من الأحزاب المشاركة في وفود أحزابها، ومن ثم تم التوجه إلى تنظيم حوار موازي حول القضايا النسوية الخلافية بين المنظمات والجمعيات النسائية اشتملت على النساء من جميع الاتجاهات وذلك للخروج بوثيقة تبين التوافق النسوي (وضعية المرأة في قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات وقانون حماية الأسرة والمشاركة السياسية) .
- تعزيز الوعي القاعدي والتدريب على الآليات الدولية: من أجل توطين القرار 1325 تم التوجه إلى تعزيز وعي النساء بالقرار وسياقه الخاص وحول انعكاس الصراع بشكل مختلف على النساء وتم دعوة النساء إلى تدريبات بسيطة حول رفع قدرتهن على توثيق الانتهاكات الممارسة خلال الاجتياحات ومداهمة البيوت خاصة في مناطق التماس التي تتعرض الى الانتهاكات بشكل خاص وتم التركيز فيها إلى جمع روايات النساء حول المداهمات..
- كما ان التدريب تم التوجه فيه إلى الطالبات من تخصصات محددة ذات صلة والى العاملات في المؤسسات الحقوقية من اجل رفع أهليتهن في المجال وتمكينهن من طرح إفادات معيارية للجهات المختصة.
ماذا بعد:
إضافة إلى خطة عمله على صعيد تعزيز الوعي والتدريب يعمل الائتلاف حاليا بالشراكة مع المؤسسات المختصة على تطوير الرؤية النسوية للقرار لإدماج المستجدات ومنها: اثر حرب الإبادة وكذلك نظام الفصل العنصري وخطة الضم على المرأة.
سيشارك الائتلاف في اجتماع أجندة الأمن والسلام بمناسبة مرور 24 عاماً على صدور القرار في أكتوبر القادم.
سيعمل الائتلاف والاتحاد على حشد التأييد والضغط على مجلس الأمن من أجل إصدار قرار مكمل للقرار 1325 وخاص بالمرأة الفلسطينية تحت الاحتلال.
————–